كل مشروع إداري عند تنفيذه يكون له من الظروف والإجراءات وإمكانيات التنفيذ التي تختلف عن الآخر، وهذا يستدعي بطبيعة الحال تقرير الأعضاء لاختيارهم للشكل التعاقدي الأنسب لتعاملاتهم عند الرغبة في التعاقد مع الجهة الإدارية وتنفيذ العقد الإداري  معها ، فمثلا قد يفضل المستثمر الأجنبي أن يتعامل بأسلوب المشروع المشترك في التعاقد مع الإدارة ، أو قد يأخذ التجمع الاتفاقي بين الأعضاء شكلاً آخر وهو التعاقد عن  طريق إتباع أسلوب الكونسورتيوم، أو قد يأخذ شكلاً أخر يطلق الفقه القانوني عليه اسم تجمع المصالح الاقتصادية والى ما غير ذلك من صور الاتفاقات التعاونية. لذا في هذا المقال سنتعرف على أشكال التعاقدات وخاصة الكونسورتيوم

فكرة الكونسورتيوم

يمكننا القول أن الكونسورتيوم هو عبارة عن تجمع اتفاقي اتحادي بين عدة مستثمرين سواء كانوا أشخاصا معنويين أو طبيعيين، بهدف المساهمة في تنفيذ عمل مشترك لصالح الجهة الإدارية التي يتم التعاقد معها،  و عُرف البعض الكونسورتيوم بـــ أنه عقد للتعاون المشترك بين مشروعين  أو أكثر لكل منها استقلال القانوني والمالي والإداري، من أجل تنفيذ مشروع مشترك على وجو الارتباط أو التضامن بينها، وبغرض تنفيذ أعمال أو خدمات مشتركة لمصلحتها المشتركة أو لمصلحة الغير ـ وغالباً ما تتعلق الأعمال أو الخدمات بتوريد مهمات وتقديم خبرات لازمة ، وغالبا لنشاط اقتصادي مركب، كالإنشاءات الصناعية الضخمة والأعمال المدنية اللازمة لبناء المجسرات والمطارات والموانئ والبحث عن النفط واستخراجه وتسويقه، وعمليات التعدين والمواد الخام اللازمة للصناعة وغيرها

أوجه التشابه والاختلاف بين التحالف والمشروعات المشتركة وشركة المحاصة وبين الكونسورتيوم.

وبالرغم من التشابه ما بين التحالف وشركة المحاصة والمشروعات المشتركة إلا أن هناك فروق بينهم تتلخص في أن فكرة المحاصة قائمة فقط بين أطرافها وليس أمام الغير لأنها لا تتمتع بالشخصية المعنوية، ويكون المدير هو المسئول ولا يسأل باقي الشركاء، أما المشروعات المشتركة لا تعد كذلك شركة، بل إنها ترتب التزامات عقدية، مصدرها فقط العقد المبرم بين أطرافها والذى نظراً لأهمية الطبيعة الشخصية لكل طرف والأخذ في عين الاعتبار قدراته الفنية وامكانياته المالية في التعاقد لتنفيذ المشروع، فتكون مسئولية جميع أطراف المشروع تضامنيه أمام الجهة المتعاقدة الأخرى  أما الكونسورتيوم  فيتشابه مع المشروعات المشتركة في أغلب الأوجه ولكنه يختلف في جوانب جوهرية منها مسئوليه التحالف أمام الجهة المتعاقدة مصدرها، توكيل أطراف التحالف لقائد التحالف للتعامل مع الجهة المتعاقدة ولكن يظل كل طرف في التحالف مسئول عما يصدر منه من أفعال مسئوليه منفرده تجاه الغير.

موقف القانون من عقد الكونسورتيوم

لم يتفق الفقه القانوني على وضع قالب قانوني موحد له، إذا اختلف في تحديد الطبيعة القانونية له، حيث اختلف الكثيرون في تكوين شكل قانوني لهذا العقد وقد حصره البعض في عدة صور منها:-

  • اعتبرها شركة فعلية أو شركة واقع، فيما ذهب البعض الأخر إلى أن اتفاقات الكونسورتيوم هي عبارة عن شركة محاصة.
  • وقال الأخرون هي شركة تضامن متى توافرت أركان الشركة الموضوعية بها من الاشتراك في رأس المال، وتوافر نية المشاركة
  • يري البعض ايضا أنه لا يوجد شكل  قانوني محدد للكونسورتيوم، ولكن يختلف  طبقا للغرض، فــ  إذا كان غرض الكونسورتيوم غرضا مترابطة وله مدة لاستمراه، فإنه يعتبر شركة واقع إذا توافر لدى الشركاء نية المشاركة،

لا يمكن العزم بأحدي الآراء السابقة والجزم بأنه التعريف الادق للكونسورتيوم  وذلك للأسباب الأتية

  • الكونسورتيوم لا يُعد شركة واقع لأنها لا تتوافر فيها الأركان الموضوعية اللازمة لتكوين الشركة
  • لا يمكن اعتبار الكونسورتيوم شركة فعلية؛ لان الشركة الفعلية هي الشركة التي تتجه إرادة الشركاء فيها منذ البداية لتكوين شركة.
  • الكونسورتيوم لا يٌعتبر شركة محاصة، لان شركة المحاصة تختلف عن باقي أنواع الشركاء، كما أنها شركة مستترة ينحصر كيانها بين الشركاء ولا وجود لها بالنسبة للغير، وليست لها شخصية معنوية مستقلة عن شخصية الشركاء المكونين لها.
  • الكونسورتيوم لا يمكن تصنيفها كـــ شركة تضامن، وذلك لاختلاف الأحكام القانونية لمثل هذه الاتفاقات عن الاحكام القانونية لشركات التضامن

وفي النهاية يُعرف اتفاقات الكونسورتيوم بأنه عبارة عن عقود ذات طبيعة خاصة، ليست كغيرها من العقود الأخرى، وذلك لأنها تنشأ كنتيجة للطابع التعاوني بين الأعضاء وبهدف تنفيذ العمل المشترك بينهم.

أنواع الكونسورتيوم

  • الكونسورتيوم الأفقي

وفي هذا الاتفاق يخول جميع الأعضاء الحق في التوقيع على العقد المبرم بينهم وبين الجهة المتعاقدة مع الكونسورتيوم، وعلى هذا فإنهم يكونون مسؤولين بالتضامن أمام الجهة التي تقد تم التعاقد معها، وهذا النوع من الاتفاق يكون:-

  • كل الأعضاء لديها علاقة مباشرة مع الجهة المتعاقدة
  • المسئولية تقع على كافة الأعضاء: لأنهم يتعاقدون على أساس أنهم متعاقد واحد وليسوا متعاقدين متعددين
  • يكون الحكم التحكمي  الصادر في مواجهة أعضاء الكونسورتيوم حجة على جميع الأعضاء
  • الكونسورتيوم الأفقي من الممكن أن يتم تشكيله عن طريق تجمعين اتفاقيتين من تجمعات الكونسورتيوم
  • الكونسورتيوم الرأسي :-

ويقصد به أتفاق الكونسورتيوم الذي يوقع فيه عضو واحد من الأعضاء على العقد المبرم مع الجهة المتعاقدة مع الكونسورتيوم، بحيث يكون هذا العضو ممثلاً لباقي الأعضاء ويكون مسئولاً عنهم جهة التعاقد.

دور العضو في الكونسورتيوم الرأسي

  • يقوم بالتوقيع مع الجهة المتعاقدة ، ثم يقوم بتكوين كونسورتيوم مع باقي الأعضاء بهدف إتمام التنفيذ
  • يكون التحكيم فيه متعدد الأطراف، وذلك لأن الجهة المتعاقدة لا تعرف باقي أعضاء الكونسورتيوم الرأسي.
  • لا يوجد علاقة مباشرة بين باقي الأعضاء والجهة المتعاقدة
  • الكونسورتيوم الرأسي غير منتشرة على مستوى العمل الدولي، ولكن يتم اللجوء إليه في حالة عدم رغبة الأعضاء أن يكونوا مسؤولين مسؤولية متعددة
  • يمكن تقسيم الكونسورتيوم إلى أشكال أخرى وهي
  • الكونسورتيوم البسيط

هذا النوع يكون فيه أعمال الأعضاء من الناحية الفنية والاقتصادية مستقلة،  أي كل عضو يؤدي دوره الفني باستقلال تام عن باقي الأعضاء دون تنسيق فيما بينهم ، كما يوجد استقلال تمويلي، بحيث ينفق كل عضو على الأعمال الخاصة بالجزء الخاص به. ولكن ذلك ال يعني عدم التضامن في المسؤولية بين الأعضاء في مواجهة جهة الإدارة المتعاقدة، فالأعضاء مسؤولون بالتضامن في مواجهتها.

  • الكونسورتيوم التنسيقي:-

يكون فيه الكونسورتيوم عبارة عن هيكل من خلاله يتم التعاون فيه بين الأعضاء والرقابة المالية، ولا يوجد فيه استقلال في أداء الأعمال بين الأعضاء بل يوجد نوع من التنسيق فيما بينهم في أداء الأعمال، وهذا النوع من الكونسورتيوم كهيكل تنظيمي لا يتعامل مع الغير ، حيث لا توجد مسؤولية تضامنية بين الأعضاء، ولكن يكون التعامل مع الأعضاء ومع الجهة الإدارية المتعاقدة مع الكونسورتيوم، والتي يكون الأعضاء مسؤولين تقبلها بالتضامن من جراء ما يتخذونه من أعمال.

  • الكونسورتيوم المتكامل

يقوم هذا النوع على أداء وظائف متعددة عن الأعضاء في علاقاتهم ببعضهم البعض، وايضا في علاقاتهم مع جهة الإدارة المتعاقد معها والتي تتضمن:

  • تدبير التمويل
  • تدبير العمالة
  • الشراء
  • ضمانات البنك
  • التأمين
  • عقود المقاولة من الباطن

العناصر اتفاق الكونسورتيوم:

يجب عند إنشاء الكونسورتيوم أن يتضمن الاتفاق الخاص به العناصر التالية:

  • تحديد مجال العمل بين الأطراف.
  • المدة المتفق عليها الكونسورتيوم.
  • لاستيفاء شروط الكونسورتيوم يجب عدم التنافس، وذلك حتى يُمنع الأعضاء من تقديم عروض فردية أو القيام بعمليات شراكة مع آخرين، أو ضمن ائتلافات أخرى في الوقت نفسه.
  • عدم جواز التنازل للغير، إذ يعد ذلك من المحظورات ضمن الائتلاف، وذلك لأن التعاقد بين أطراف الكونسورتيوم يقوم على الاعتبار الشخصي.
  • عدم نشوء شخصية اعتبارية.
  • مسؤولية كل عضو عن العمال والموظفين التابعين له.
  • الإدارة المحددة للكونسوريتوم.
  • سبل فض المنازعات بين أطراف الكونسورتيوم.
  • تبادل المعلومات، وذلك في سبيل حسن تنسيق العمل ضمن الائتلاف.
  • القانون واجب التطبيق على اتفاق الكونسورتيوم.
  • مسؤولية كل عضو عن نصيبه من العقد وأن يعوض الآخرين عما يلحقهم من أضرار من جراء ذلك.

ما يميز الكونسورتيوم عن باقي الاتفاقات.

  • عدم وجود رأس مال مشترك للكونسورتيوم
  • غياب التضامن في المسؤولية بين الأعضاء.
  • غياب التضامن في المسؤولية تقبل الغير.

انتهاء الكونسورتيوم:

ينتهي عقد الكونسورتيوم بانقضاء المدة المحددة في اتفاق الائتلاف، والتي تحدد المدى الزمني الذي يجب أن يبقى خلاله الائتلاف قائماً، أو قد ينقضي الائتلاف بانتهاء المهمة التي أسس لأجلها، وذلك كما هو الحال خصوصاً عندما يؤسس الائتلاف في سبيل تقديم أحد العروض في إطار الرغبة في التعاقد لإنجاز أحد المشاريع الكبرى، إذ يزول الائتلاف في هذه الحالة مع تقديم العرض ورفضه من قبل الجهة صاحبة المشروع، أو مع قبول العرض من قبل هذه الجهة الأخيرة، إذ يزول الائتلاف وينصرف أعضاؤه إلى تأسيس شخص قانوني ذي وجود طويل الأمد يتمثل في شركة غرضها إقامة المشروع أو تشغيله، واستثماره وذلك حسب العقد المبرم مع الجهة صاحبة المشروع.