قد قيل سابقا “ما من أمانة في عنق العالم تفوق في قدسيتها حماية الأطفال وما من واجب يعلو في أهميته فوق احترام الجميع لحقوق الأطفال”؛ لأن حمايتهم واحترام حقوقهم حمايةً لمستقبل البشرية بأسرها فلهم الحق في الحماية من جميع حالات الاستغلال والضعف لكن هذا لا يمكن تحقيقه إلا إذا أدركنا المشاكل والمخاطر الحقيقية التي يواجهها الأطفال وسبل الانتصاف المتاحة في القانون والسياسة لتغيير الوضع لصالح الأطفال بشكل أفضل.

وعلى هذا الأساس اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1989 اتفاقية حقوق الطفل، وتقدم الاتفاقية رؤية لعالم ينمو فيه جميع الأطفال ويتطوروا إلى كامل إمكاناتهم بدون تمييز، عالم تتم فيه حماية الأطفال واحترامهم وتشجيعهم على المشاركة في القرارات التي تمس حياتهم؛ ويعتبر نص الاتفاقية الذي استغرقت صياغته في صورته النهائية عقدا كاملا، بمثابة قائمة فريدة في شمولها لمعايير حقوق الإنسان المتعلقة بالأطفال؛ فبالإضافة إلى الأحكام المتعلقة بالطفل الواردة في معاهدات حقوق الإنسان الأخرى، فقد تضمنت هذه الاتفاقية جوانب جديدة مثل بقاء الطفل وحمايته ونموه؛ كما تضمنت أحكاما تتعلق بحقوق أخرى مثل حق المشاركة وغيرها…

وعندما تصبح الدول أطرافاً في المعاهدات الدولية، عليها أن تضطلع بالالتزامات والواجبات في إطار القانون الدولي تتصل باحترام وحماية وتطبيق حقوق الطفل، ومن خلال التصديق على معاهدات حقوق الأطفال الدولية تتعهد الحكومات بوضع تدابير وتشريعات محلية تتسم بالاتفاق مع التزاماتها وواجباتها التعاقدية، ومن ثم فإن النظام القانوني المحلي يوفر الحماية القانونية الأساسية لحقوق الأطفال المكفولة في إطار القانون الدولي، وأصبحت هذه الاتفاقية أول صك دولي ينظم حقوق الطفل ولقد حصلت الاتفاقية على قبول شبه عالمي حيث تم التصديق عليها الآن من قبل 193 طرفًا.

تعريف الطفل في اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989

عرفت المادة الأولى من اتفاقية حقوق الطفل بأنه ” كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشر ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك، بموجب القانون المطبق عليه”.
نصوص الاتفاقية في القانون الدولي لحماية الطفل
يجوز تصنيف مواد الاتفاقية في أربع فئات من الحقوق ومجموعة من المبادئ التوجيهية تناقش الأحكام الإضافية للاتفاقية (المواد من 43 إلى 54) تدابير تنفيذ الاتفاقية وتشرح كيف ستعمل الحكومات والمنظمات الدولية مثل اليونيسف لضمان حماية حقوق الأطفال:

المبادئ التوجيهية : تشمل المبادئ التوجيهية للاتفاقية عدم التمييز؛ والالتزام بمصالح الطفل الفضلى والحق في الحياة والبقاء والنمو، والحق في المشاركة، أنها تمثل المتطلبات الأساسية لأي طفل وجميع الحقوق التي يتعين إعمالها.

حقوق البقاء والنمو: هذه حقوق في الموارد والمهارات والمساهمات اللازمة لبقاء الطفل ونموه الكامل. وهي تشمل الحقوق في الغذاء الكافي والمأوى والمياه النظيفة والتعليم الرسمي والرعاية الصحية الأولية والترفيه والاستجمام والأنشطة الثقافية هذه الحقوق لا تتطلب فقط وجود وسائل لإعمال الحقوق ولكن أيضًا الوصول إليها.

حقوق الحماية : تشمل هذه الحقوق الحماية من جميع أشكال إساءة معاملة الأطفال وإهمالهم واستغلالهم، بما في ذلك الحق في حماية خاصة في أوقات الحرب والحماية من سوء المعاملة في نظام العدالة الجنائية.

حقوق المشاركة : يحق للأطفال التمتع بحرية التعبير عن آرائهم والحصول على رأي في الأمور التي تؤثر على حياتهم الاجتماعية والاقتصادية والدينية والثقافية والسياسية، تشمل حقوق المشاركة الحق في التعبير عن الآراء والاستماع إليها، والحق في المعلومات إن إشراك هذه الحقوق أثناء نضوجها يساعد الأطفال على تحقيق جميع حقوقهم وإعدادهم للقيام بدور نشط في المجتمع.

الحماية القانونية للطفل في القانون المصري

على الصعيد الوطني تمشيا مع التزامها بالقضية، بذلت مصر الكثير من الجهد على الجانب التشريعي في عام 1996 صدقت على قانون الطفل باعتباره أول أداة تشريعية تحمي حقوق الطفل في مصر، من خلال وضع مصالحهم الفضلى كأولوية قصوى. هذه الحقوق منصوص عليها في الشريعة الإسلامية ومبادئ الدستور المصري وأحكام اتفاقية حقوق الطفل. ينص قانون الطفل على الرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية والتعليمية، كما يركز على الأم العاملة والطفل المعاق وإعادة تأهيله وتعليمه وعلى المسؤولية الجنائية للطفل.
في عام 2008 أدخلت تعديلات على قانون الطفل، تكمن الأهمية الحقيقية لهذه التعديلات في أنها تتبنى مقاربة قائمة على الحقوق ، لأن بعض الأطفال المصريين هم ضحايا محرومون من حقوقهم في التعليم والرعاية الصحية والاجتماعية، ولا سيما الحق في رعاية الأسرة لذلك تهدف هذه التعديلات إلى تغيير الطريقة التي ينظر بها المجتمع إلى هؤلاء الأطفال.

متى تبدأ المسئولية الجنائية للطفل في القانون المصري

تمتنع المسئولية الجنائية علي الطفل الذي لم يجاوز اثنتي عشرة سنة ميلادية كاملة وقت ارتكاب الجريمة، ومع ذلك إذا كان الطفل قد جاوزت سنه السابعة ولم تجاوز الثانية عشرة سنة ميلادية كاملة وصدرت منه واقعة تشكل جناية أو جنحة تتولي محكمة الطفل دون غيرها، الاختصاص بالنظر في أمره، ويكون لها أن تحكم بأحد التدابير المنصوص عليها في البنود 1 ، 2 ، 7 ، 8 من المادة 101 من هذا القانون.
فإذا كانت الواقعة تشكل جنحة:
الإيداع فى أحد المستشفيات المتخصصة (إذا كان يعانى من أحد الأمراض التي تؤثر على سلوكه).
الإيداع فى إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية (الإصلاحية سابقا).
أما إذا ارتكب الطفل جريمة: وكان سنه آنذاك يتجاوز الخامسة عشرة ولا يتجاوز الثمانية عشرة فلا يجوز أن يحكم عليه القاضي بالعقوبات المشددة أيا كانت جريمته (قتل، مخدرات، سرقة. الى آخره) مثل الإعدام والسجن المؤبد والسجن المشدد، فلا يجوز أن يحكم بها على الطفل أيا كانت جريمته. وإنما يمكن أن يحكم عليه بالسجن فقط إذا كانت عقوبة الجريمة إحدى هذه العقوبات (المؤبد، أو السجن المشدد).
نصت المادة 122 فقرة 2 من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 والتي تختص بمحكمة الطفل دون غيرها بالنظر فى أمر الطفل عند اتهامه فى إحدى الجرائم أو تعرضه للانحراف كما تختص بالفصل فى الجرائم المنصوص عليها فى المواد من113 إلى 116 والمادة 119 من هذا القانون ولما كان الأصل هو انعقاد الاختصاص لمحكمة الطفل المستبدلة بمحكمة الأحداث إلا أن هناك استثناء،
جواز مُحاكمة الطفل أمام محكمة الجنايات أو محكمة أمن الدولة العليا بحسب الأحوال شريطة توافر أربعة شروط لا استثناء فيهم أو قياس عليهم أو تقريب إليهم:
أن تكون الواقعة جناية (شرط الجريمة)
أن يجاوز سن الطفل خمسة عشرة سنة وقت ارتكاب الجريمة (شرط الســــــن).
أن يقتضى الأمر رفع الدعوى الجنائية على البالغ مع الطفل (شرط الاقتضاء).
أن يساهم الطفل مع بالغ فى ارتكاب الجناية (شرط المساهمة).